ليلى سويلم
مين يا ماما
يا بنتي حماتك ..
انتفضت من محلها و هي تفتح كلتا عينيها بدهشة قائلة
و دي اية اللي جابها دي
نعم .. يعني اية اية اللي جابها
حمحمت و هي تقول بتذكر
اه أفتكرت .. صحيح هي قالت أنها هتيجي بكرة تزورك علشان عرفت انك تعبانة.. ماما هي ما قلتلكيش علي حاجة !
قطبت والدتها حاجبيها و قالت بتساؤل
حاجة اية
طيب انتي مالك عنيكي منفوخة كأنك كنتي بټعيطي كدة ليه
لا لا مكنتش بعيط و لا حاجة .. بس عنيا فيها فيروس مش أكتر !
فيروس!! .. بقيتي تعرفي تكدبي عليا يا فاطمة .. علي العموم مش وقته يلا عشان متتأخريش عليها
نهضت فاطمة و قلبها يدق پخوف من أن تقول زهرة لوالدتها شيء بخصوص انفصالها هى و أحمد
مالك يا طمطم .. شكلك مضايق في حاجة
لا مفيش يا نور .. أنتي رايحة فين بدري كدة !
مشوار كدة ..
مش عايزة تقولي طبعا .. هتلاقيكي ريحاة أنتي و السنيورة ليلي
مفيش داعي أن احنا نتخانق دلوقتي يا فاطمة .. يلا باي !!
هكذا أنهت نور حديثها مع شقيقتها لانها تعلم جيدا أنها إن أطالت معها فسينقلب الحوار إلي مشاجرة كبيرة
أقتربت منهما و هي تقول بابتسامة مهزوزة
صباح الخير
صباح النور يا حبيبتي
قالتها زهرة بابتسامة نقية تدل علي أنها آتية لإصلاح ما حدث البارحة كادت مرڤت أن تتحدث و لكن زهرة سبقتها قائلة
جلست فاطمة بتوتر و قالت
مفيش حاجة حصلت يا طنط !!
متلفيش و تدوري يا فاطمة .. أنتي أتخانقتي أنتي و أحمد أمبارح و قلعتوا
الدبل ليه
قالتها والدتها بلهجة صارمة لتخفض فاطمة عينيها نحو كفها و تنظر نحو أصبعها المتوج بخاتمه الخاص و قالت و هي ترفع كفها
أحنا مقلعناش دبل يا ماما و لا حاجة دي خناقة عادية يعني !!
قالتها زهرة في محاولة لاستكشاف اسباب فاطمة لترد قائلة
يا طنط مفيش مشكلة و لا حاجة انا حكيت لأحمد أسبابي و هو مفهمنيش !!
يا ريت بقي يا فاطمة هانم تفهمينا أية اسبابك !
تذكرت مظهر الرجل الذي ذكرها بأبيها رحمه الله أدمعت عينيها و قد عاد الماضي ليطارد أفكارها مرة أخري
منذ خمسة عشر عام
اليوم قد مر ثلاث أعوام علي وجودها بألمانيا و اليوم أيضا هو اليوم الأول لها بجامعتها .. ابتسمت بفرحة فقد حققت حلمها و بدأت طريق جديد تتبعه أحلام أكثر
هبطت من منزلها و سارت بشوارع ألمانيا.. فرغم أنها ابنة رجل الأعمال المشهور زين سويلم إلا أن نصائح والدها دائما لها هي ان تعتمد علي حالها و ليس علي ثروته و أن تشعر بمعاناة الآخرين فليس لأنها تدرس بألمانيا فهذا يعني أن تتعالي علي الخلق و احاديث كثيرة من هذا القبيل قد حفظتها
و بالتالي فليس كما يتخيل البعض أنها مدللة ابيها التي تمتلك سيارة بسائق خاص بها ..
وقفت أمام المحطة الخاص بالحافلات .. لم تمر دقيقتين حتي استقلت الحافلة و جلست
بعدها بدقائق وجدت رجل يبدو أنه في الثلاثين من عمره طويل البنية عريض المنكبين .. عيناه عسليتان
جلس بجانبها ظلت هي تنظر له ليس إعجابا به بل لأنها تشعر أنه عربي مثلها
ترددت كثيرا قبل أن تنطق قائلة
Bitte bist du ein Araber? لو سمحت هل أنت عربي !
ايوة
قالها و نظر إلي الاوراق التي كانت في يده مرة أخري بعجرفة رفعت حاجبها بدهشة و قالت
آسفة لو ضايقتك .. بس كان مجرد سؤال !!
تنهد بضيق و قال
مضيقتنيش و لا حاجة بس ممكن بلاش تتكلمي معايا دلوقتي لأني مشغول !
عضت علي شفتها بخجل من إحراجه لها و أدمعت عيناها و نظرت امامها مرة أخري
عاود ليتابع عمله مرة أخري و قد لاحظ صمتها
فتجاهل وجودها بجانبه ..
وقفت الحافلة في المكان الذي من المفترض أن تهبط به
نهضت و تفاجأت أنه نهض معها لكن ليس من شأنها أن تسأله .. فلا تريد إحراج
حالها أكثر من ذلك
سارت حتي نزلت من الحافلةو بعد فترة من أستكشافها للجامعة دخلت نحو المدرج الخاص بها
لاحظت كثير من الطلاب ذات جنسيات مختلفة
كانت أجتماعية بعادتها .. بدأت تتعارف عليهم و قد سهل عليها هذا إتقانها للغة الإنجليزية و الألمانية
و لبرهة حل الصمت في القاعة لترفع نظرها و تراه مرة أخري
فغرت فاهها و هي تقول بحالها
يا نهار اسود .. دة الدكتور !!
بدأ بإلقاء المحاضرة و هي شاردة تماما بعواقب هذا الموقف الذي جمع بينهما بالحافلة إن علم أنها تلميذته
صوت دقاته ليلفت أنتباهها زامن صوت الدقات علي باب مكتبها لتعود مرة أخري إلي واقعها و هي تقول
ادخل
ابتسمت حين رأت شقيقتها تدلف إليها و قالت و هي تمد يدها كإشارة للدخول
أهلا و الله نور هانم بنفسها عندنا حصلنا الشرف !!
علي فكرة مش جاية عشانك..
دة أنتي مصممة بقا !!
هتفت بها ليلي و هي ترفع حاجبها بدهشة لتردف نور
ليلي انا داخلة علي سنة و نص مش بشوفها وحشتني جدا عشان خاطري خليني اشوفها
يا نور افهمي.. هي مش متقبلة الدنيا و لا راضية تكلم اي حد أصلا حتي أنا
بس أنتي قولتي انها بتسمع اللي بيتكلم معاها .. سيبيني أتكلم معاها يمكن تتفاعل معايا
براحتك يا نور عايزة تروحيلها تعالي اوديكي
خرجا معا و استقلا المصعد و صعدا نحو الطابق الثالث و اتجها نحو غرفة يجلس امامها حارس مخصوص بخلاف جميع الغرف
قالت ليلي
أزيك يا عم صلاح عامل اية
الحمد لله يا دكتور ليلي بخير
طيب أنا هدخل و مش هطول لأني عايزة أخرج اتكلم معاك
أتفضلي يا دكتور
مدت نور يدها لتفتح الباب الخاص بالغرفة نظرت إلي تلك الحجرة ذات اللون البنفسجي و الرسومات الكارتونية علي جدر هذه الغرفة
التي في زاوية منها تكمن طفلة يبدو أنها لم تتعد الخامسة من عمرها ذات شعر بني قصير و عينين عسليتان
أقتربت منها نور لتدلف ليلي إلي الغرفة و تغلق بابها و تقف لتشاهد ماذا سيحدث هل ستكون نور قادرة بالفعل علي جعل هذه الصغيرة تندمج معها بسهولة أم لا !
صباح النور يا هند !
قالتها نور و هي تجلس أمامعا بحذر لترفع الطفلة عينيها نحوها و تبتسم
رفعت ليلي حاجبها باندهاش فكم حاولت مع هذه الصغيرة لكي تجعلها حتي تنظر لها و لم تستجب !!
عاملة اية !
اردفت نور في محاولة منها لجذب أنتباهها هزت هند رأسها بمعني أنها بخير و لم تتحدث لتقول نور
طيب بترسمي أية بقا وريني كدة !
اعطت هند الدفتر الذي ترسم به ل نور و هي تنظر ل ليلي بسخط و كأنها الساحرة الشريرة لتهز ليلي رأسها باستغراب و هي تقول موجهة حديثها ل
نور
أنا خارجة برة يا نور .. لما تخلصي أبقي تعالي !!
خرجت ليلي و هي في حالة من الاندهاش فهي لا تتقبلها و تعيش حالة من العزلة لا أحد يستطيع إخراجها منها و لكن عندما تري نور ينقلب حالها تماما
التفتت نحو تلك الحارس الذي يجلس علي الكرسي مترقب حديثها و قالت
طمني يا عم صلاح هند عاملة اية !
بصراحة يا دكتور ليلي هي مش بترضي تتكلم مع أي حد و لا تشوف أي حد .. حتي الأكل لما بندخلهولها ممكن تسيبه زي ما هو باليومين و متقربش منه و متأكلش إلا لما نغصب عليها و ټعيط عياط يقطع القلب
تنهدت ليلي بحزن ليردف صلاح قائلا لها
شوفي يا دكتور أنا هنصحك نصيحة لأني بعتبرك زي بنتي انا معرفش أية صلتك بالبنت دي بس اللي اعرفه نظرات الحزن اللي في عينك عليها .. لو تهمك فعلا قربي منها و خليها تحبك صدقيني الطب مش هو علاجها .. البنت دي محتاجة حنية و لو أنتي وفرتيهلها يبقي مشكلتها أتحلت
نظرت له ليلي مطولا و هي تفكر بحديثه لتجد باب الغرفة يفتح و تخرج منه نور مبتسمة بشدة و هي تقول
يلا يا ليلي !!
يلا علي فين !
علي مكتبك هتكلم معاكي شوية و همشي عشان عندي مشاوير كتير النهاردة
طيب يلا
دخلت إلي غرفتها پغضب و جلست علي فراشها بوجه محتقن و قالت
عاجبك اللي ماما عملته دة يا هنا !!
لا مش عاجبني .. و لا اللي أنتي عملتيه كمان عاجبني يا فاطمة
يا سلام يعني كل دة عشان قولت نأجل الفرح !!
فاطمة أنتي ممكن تلفي و تدوري علي اي حد إلا انا أنا واثقة تماما أن انتي طلبتي تاجلي الفرح عشان حاجة معينة في دمااغك !!
حاجة .. حاجة اية يعني !
قالتها فاطمة بتوتر لتنظر لها هنا بنظرة متفحصة و تقول
الله اعلم اية هي بقا اللي اعرفه انك كنتي فرحانه جدا أن فرحك قرب و فجأة كدة تطلبي تأجلي الفرح يبقي أنتي ناوية علي حاجة صح و لا لأ !
مش ناوية علي حاجة يا هنا .. مش هيبقي انتي و ماما عليا ارحموني !!
في هذه اللحظة فتح الباب لتدلف منه والدتهما پغضب و تقول
أنتي أمتي بقي هتبطلي تبقي عديمة الزوق كدة سيبتيني انا و الست و احنا قاعدين و قومتي و معملتيش احترام لحد !!
عشان أنتي هزقتيني بما فيه الكفاية يا ماما و انا مش عيلة صغيرة .. أعمل اللي انا عيزاه اتجوز بقي او افسخ خطوبتي الموضوع دة يخصني بس !!!
لا .. لا يا فاطمة الموضوع مايخصكيش لوحدك الفرح هيتعمل في
معاده و رجلك فوق رقبتك .. انا مش هعيشلك طول العمر
اهدي يا ماما بس علشان متتعبيش !
قالتها هنا محاولة تهدئة والدتها لتردف مرفت
فهميها أن أحمد جاي بكرة و هي هتقعد معاه و تعتذرله كمان و مفيش خطوبة هتتفسخ و تجهز نفسها خلاص فرحها فاضله أقل من شهر و لو اللي انا بقوله فيه حاجة منه ما أتنفذتش مش هيحصل طيب
انهت مرفت حديثها و اتجهت للخارج لتجلس فاطمة و هي تدبدب بقدميها و تقول
دي كمان عيزاني أعتذرله يعني يبقي غلطان في حقي و اعتذرله !
ل يا فاطمة بالأمانة انتي اللي غلطانة و مش