سهم الهوى الفصل السادس عشر حصري لموقع أيام بقلم سعادمحمدسلامه
انت في الصفحة 6 من 6 صفحات
توثق اللحظة.
بعد قليل أحضر آسر علبة مخملية صغيرة وفتحها أمام العدسات أخرج العقد ووضعه حول عنقها ثم قدم لها سوارا وخاتما وضعه في إصبعها وكان هناك خاتم آخر بين المجوهرات مد يده ليأخذه لكنه سقط من بين أصابعه على الأرض فتدحرج حتى استقر أسفل قدم شخص كان شاهدا على هذا الزفاف القاټل.
الشاهد لم يكن سوى جاسر الذي كان يراقب المشهد بقلب مثقل فهذه المرة الثانية التي يقف فيها ليشهد زواج حبيبته من غيره. أدرك حينها أن الأحلام انتهت والملكة لن تكون إلا لمن هو وريث للعرش وليس لخادمها.
مبروك يا تاج... وتوقف قبل أن ينطق لقبها القديم تاج الياسمين الذي طالما كان يخصها به.
لم تحتمل عيناه ما رأته في عينيها من ألم ولا الصمت الذي لف المكان حولهما لكن آسر تدخل سريعا أخذ الخاتم ووضعه في إصبعها معلنا نهاية الجولة الثانية.
هل انهزم الجاسر وفاز الآسر ب تاج.
شعرت تاج بكل خطوة كأنها توقيع على عقد سراب مؤلم عقد فرضته الأقدار وظروف لم تخترها تقدمت نحو المصير وقلبها يتمنى العودة للوراء تتحرر من ذلك بعيدا عن هذا القيد الذهبي المزيف.
تأملت وجه آسر المتجمد وابتسامته المتكلفة فانعكس عليه قناع لا حياة فيه تماما كزواج يتزين بالمظاهر ويخلو من أي دفء هي تبتسم بامتثال لكنه امتثال لا يخلو من تمرد مكتوم تمرد يتأجج داخليا كأنها تنسج خيوط ثورة على واقع فرض عليها ثورة قد لا تعرف ملامحها ولا موعد انفجارها.
يسأل الآخر
لماذا اخترت البعد عني تاج
كلماته تسللت إلى أعماقها تهز جدران قلبها المتماسك بصعوبة. حاولت أن تتمالك نفسها لكن عينيه كانتا كمرآة تعكس شوقه وغضبه في الوقت نفسه. شعرت وكأنها عالقة بين الماضي الذي يطاردهما والحاضر الذي يفرض عليهما مسافة مستحيلة.
أنا مختارتش البعد يا جاسر... الظروف أو القدر فرض نفسه علينا
اقترب منها خطوة حتى أصبح بإمكانها سماع نبض قلبه وقال بصوت أكثر هدوءا لكنه مليء بالحزن
الظروف ولا القدر ولا غرورك تاج أنا ما زلت هنا لم أتغير... لكنك أنت اخترت الهروب.
تحركت شفتيها لتجيب لكن الكلمات علقت في حلقها وخانتها دمعة حاړقة كادت تنزلق من عينيها.
كان جاسر يرمقها بنظرات تفضح ألمه كآنهما يلتقطان آخر لحظات الأمل الضائع كانت العيون تتحدث فيما الصمت يقبض على حناجرهما وفي عقلهما ألف سؤال معلق
لماذا وهل سيظل هذا الچرح مفتوحا للأبد.
مع تلاشي جاسر من أمام عينيها إنتبهت الى يد آسر بصعوبة وثقل بيدها رفعت يدها وضعتها بيد آسر تنظر بجمود إلى تلك العدسات التي تلتقط لحظات لا تعني لها شيئا ورفعت رأسها بقوة مصطنعة وكأنها تعلن للعالم كله أنها مازالت صاحبة الكبرياء..
عودة
السعادة الحقيقية
أين تلك السعادة.
لماذا دائما تخذلها السعادة.
بعد مرور يومين ورفض جاسر القاطع لعودة تاج الى مصر
صباح
كانت تاج تجلس بحديقة منزل مانويل الذي شعر بآسف وهو يرا عبوس وجه تاج تنهد وهو يقترب منها وبسط يده لها قائلا
تسمح لي جميلتي بإصطحابها بنزهة خاصة.
فكرت لحظات ثم وافقت ربما تلك النزهة تبدل من تلك المشاعر التى تتملك منها...
بعد قليل دلف بها الى ذلك الإستطبل الكبير
تسألت تاج باستفسار!
لماذا جئت بنا هنا مانويل.
إبتسم مانويل الى تاج ثم بدل نظره ناحية تلك الساحة الكبيرة مجاوب
انتظري قليلا وستعلمين جميلتي.. من الجيد أنا جاسر بعيدا الآن ولن يسمع مدحي لك فهو غيور عليك جدا...يتبدل كثيرا حين يمدح أحد جمالك.
تهكمت بحسرة وتفوهت بهمس لنفسها بآسف
مش غيرة دي تحكمات.
إبتسم مانويل قائلا
أنظري عزيزتي ها هو الفارس الجاسر.
نظرت نحو تلك الساحة الواسعة إندهشت عينيها بعدما تتبعت نظرات مانويل لترى جاسر يمتطي جواده يركض به بمهارة ليست مستجدة عليه بمشهد مهيبا من إنعكاس ظلال الشمس جسده القوي فوق ظهر الجواد وتلك النظرات الحادة التي تحمل مزيجا من القوة والحنان بدا كأنه ولد ليكون فارسا.
ضحك مانويل بخفة من نظرات إفتتان تاج الواضحة ب جاسر
أردت أن أريك ما لا ترينه دائما جاسر ليس فقط زوجا غيورا أو فارسا في مزرعتي هو بطل وتلك الساحة شاهدة على شجاعته وإخلاصه لمن يحب.
شعرت تاج بشيء يضيق صدرها كآن كلمات مانويل فتحت نافذة جديدة ل جاسر في قلبها والتي حاولت دائما تفسير ذلك الشعور كلما إقتربت النهاية ينفتح طريق آخر يصل بينهما إبتلعت ريقها وقالت بهدوء
يمكن عندك حق... لكن ده مش بيمنع إنه عصبي وأوقات بياخد الأمور على أعصابه.
أردف مانويل بنبرة حكيمة
أحيانا من يحب بعمق ېخاف بعمق والغيرة هي الوجه الآخر للخوف من فقدانك.
مالت نحو مانويل وهمست بعيون عاشقة وكآنها تخفي سرا عن العالم كله
جاسر مش مجرد فارس... هو قدري.
نظر مانويل إليها بتفهم وابتسم بحنان وهو يضع يده على كتفها قائلا بهدوء
وإذا كان قدرك فلماذا لا تثقين به أكثر الحب يا تاج يحتاج لثقة بقدر ما يحتاج لشغف.
تنهدت تاج وهي تتابع جاسر في الساحة يقترب بخطواته الثقيلة وابتسامته الجانبية المميزة شعرت كآن قلبها يهتز مزيج من الحب والارتباك
أنا بحبه مانويل بس مش عارفة أنسي ولا هو ينسي الماضي.
رد مانويل بصوت عميق وكأنه يرسم الطريق أمامها
إذا أردت أن يكون فارسا في حياتك اتركيه يرى أنك لست فقط الملكة بل المرأة التي تثق به لن تتخلي عنه.
شعرت تاج بكلمات مانويل تخترق أعماقها كأنها تضيء زاوية مظلمة في قلبها رمقت جاسر مرة أخرى الذي بات على مقربة ينظر إليها بنظرة تحمل تساؤلات وألف شعور دفين.
استدارت إلى مانويل وهمست بشيء من التردد
الماضي مكنش سهل مانويل... بس إزاي نرجع من تاني وكآن مفيش حاجة حصلت.
ابتسم مانويل ابتسامة هادئة وقال بنبرة حانية
الجزء التعيس من الماضي لازم يختفي اللي يقدر يهزم قسۏة الماضي هو قوة الحب اللي بينكم دلوقتي لو تمسكتم به مش هيكون فيه ماضي يقدر يقف بينكم.
تفهمت تاج فحوى نصيحة مانويل وقبل أن ترد وصل جاسر للمكان وقف مسيطرا على ذلك الجواد أمامها مباشرة نظر إليها نظرة طويلة وكآن العالم كله اختفى من حولهما ثم خرج صوته من أعماق قلبه يحمل دفئا وعتابا في آن واحد
ليه بتبعدي عني يا تاج.
شعرت تاج بأن الكلمات تقيد حنجرتها لكنها تمكنت من الرد بصوت خاڤت ومليء بالتردد
جاسر... أنا...
تدخل مانويل بخفة وهو يخطو للخلف بابتسامة ماكرة
أعتقد أنني سأترك الساحة للفارس وملكته الآن يبدو أن لديكما الكثير لتقولاه.
نظر جاسر إليه شاكرا قبل أن يعود بعينيه إلى تاج
وكأن لا شيء آخر يهمه سوى إجابة سؤال قلبه.. ومد يده لها إشارة منه لها لتصعد خلفه على الجواد
ارتعشت أناملها دون وعي رفعت يدها تحاول التمسك بيدهجذبها لتصعد أمامه إبتسم وهو يحتضنها بقوة حين أصبحت تجلس أمامه على الجواد كما كان يحدث بالماضي
يضمها بتملك
إنعدم الفراغ بينهما شعرا بخفقات قلبيهما بتصريح غير مباشر
كآن كل منهما يعطي للآخر تفويض صامت انه مازال مالك قلب الآخر.
يتبع